فصل: 118- باب استحباب القميص:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.118- باب استحباب القميص:

789- عن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها قالت: كَانَ أحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم الْقَمِيص. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
قيل: وجه أحبية القميص أنه أستر للأعضاء من الإزار، والرداء لأنه أقل مؤنة، وأخف على البدن، ولابسه أكثر تواضعًا. وروي أنه كان قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم قطنًا قصير الطول والكمين.

.119- باب صفة طول القميص والكُم والإزار، وطرف العمامة، وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء:

790- عن أسماءَ بنتِ يزيد الأنصاريَّةِ رَضِيَ الله عنها، قالت: كَانَ كُمُّ قَمِيص رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّسْغِ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
الرسغ: مفصل الساعد والكف. قال ابن الجزري: فيه دليل أن لا يجاوز بكم القميص الرسغ. وأما غير القميص فالسنَّة أن لا بجاوز رؤوس الأصابع.
791- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رسول الله، إنَّ إزاري يَسْتَرْخِي إِلا أنْ أَتَعَاهَدَهُ، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ». رواه البخاري وروى مسلم بعضه.
فيه: وعيدٌ شديدٌ لمن سحب ثوبه تكبرً وإعجابًا بنفسه.
وفيه: أن من وقع له ذلك بغير قصد لا محظور فيه، وأن الأحكام تختلف بسحب النية.
792- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزاره بَطَرًا». متفقٌ عَلَيْهِ.
إنما ذكر الإزار، لأنهم كانوا إذ ذاك يلبسون الإزار والأردية، والوعيد الشامل لجميع أنواع الثياب.
793- وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا أسْفَل مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزْارِ فَفِي النار» رواه البخاري.
قال الخطابي: يريد أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين في النار، فكنى بالثوب عن لابسه. ومعناه: أن ما دون الكعب من القدم يعذب عقوبة. ومحل الكراهة إذا لم يكن عذر من جروح في قدمه ونحوها.
794- وعن أَبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فقَرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مِرار، قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا! مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، وَالمنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ». رواه مسلم.
وفي رواية لَهُ: «المُسْبِلُ إزَارَهُ».
فيه: الوعيد الشديد لهؤلاء الثلاثة.
795- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الإسْبَالُ في الإزار، وَالقَمِيصِ، وَالعِمَامةِ، مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلاءَ لَمْ ينْظُرِ الله إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح.
فيه: أن الوعيد شامل لجميع الملبوسات.
796- وعن أَبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْم رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيهِ، لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قالوا: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله- مرّتين- قَالَ: «لا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلامُ، عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ المَوْتَى، قُلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ» قَالَ: قُلْتُ: أنْتَ رسول اللهِ؟ قَالَ: «أنَا رسول الله الَّذِي إِذَا أصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَه عَنْكَ، وَإِذَا أصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ أَوْ فَلاَةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ، فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ» قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ. قَالَ: «لا تَسُبَّنَ أحَدًا» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلا عَبْدًا، وَلا بَعِيرًا، وَلا شَاةً، «ولا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، وأَنْ تُكَلِّمَ أخَاكَ وَأنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ، إنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإنْ أبَيْتَ فَإلَى الكَعْبَينِ، وَإيَّاكَ وَإسْبَالَ الإزَار فَإنَّهَا مِنَ المَخِيلَةِ. وَإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المَخِيلَةَ؛ وَإن امْرُؤٌ شَتَمَكَ وعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ». رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذا الحديث: أن الإزار يكون رفعه من نصف الساق إلى الكعبين. وأن الإسبال لا يجوز لأنه من الاختيال، والكبر، والإعجاب.
797- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رَجُلٌ يُصَلَّي مسبلٌ إزَارَهُ، قَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأ» فَذَهَبَ فَتَوَضّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَتَوَضّأ» فَقَالَ لَهُ رجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، مَا لَكَ أمَرْتَهُ أنْ يَتَوَضّأَ ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ؟ قَالَ: «إنّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إزَارَهُ، وَإنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ صَلاَةَ رَجُلٍ مُسْبلٍ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط مسلم.
يقال: إنما أمره بإعادة الوضوء ليكون مكفرًا لذنبه كما ورد أن الطهور مكفر للذنوب ولم يأمره بإعادة الصلاة لأنها صحيحة، وإن لم تقبل.
798- وعن قيس بن بشر التَّغْلِبيِّ، قَالَ: أخْبَرَني أَبي- وكان جَلِيسًا لأَبِي الدرداء- قَالَ: كَانَ بِدمَشْق رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يقال لَهُ سهل بن الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّدًا قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إنَّمَا هُوَ صَلاَةٌ، فإذا فَرَغَ فَإنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبيرٌ حَتَّى يَأتي أهْلَهُ، فَمَرَّ بنا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبي الدَّرداء، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدرداءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ.
قَالَ: بَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ في المَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ: لَوْ رَأيْتَنَا حِيْنَ التَقَيْنَا نَحْنُ وَالعَدُوُّ، فَحَمَلَ فُلانٌ وَطَعَنَ، فَقَالَ: خُذْهَا مِنِّي، وَأنَا الغُلاَمُ الغِفَاريُّ، كَيْفَ تَرَى في قَوْلِهِ؟ قَالَ: مَا أرَاهُ إِلا قَدْ بَطَلَ أجْرُهُ. فَسَمِعَ بِذلِكَ آخَرُ، فَقَالَ: مَا أرَى بِذلِكَ بَأسًا، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقال: «سُبْحَانَ الله؟ لا بَأسَ أنْ يُؤجَرَ وَيُحْمَدَ» فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاء سُرَّ بِذلِكَ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأسَهُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: أنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول: نَعَمْ، فما زال يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إنّي لأَقُولُ لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المُنْفِقُ عَلَى الخَيْلِ، كَالبَاسِطِ يَدَهُ بالصَّدَقَةِ لا يَقْبضُهَا»، ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَومًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعنَا وَلا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسَديُّ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وَإسْبَالُ إزَارِهِ!» فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَعَجَّلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إزارَهُ إِلَى أنْصَافِ سَاقَيْهِ. ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إخْوانِكُمْ، فَأصْلِحُوا رِحَالكُمْ، وَأصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأنَّكُمْ شَامَةٌ في النَّاسِ؛ فإِنَّ الله لا يُحِبُّ الفُحْشَ وَلا التَّفَحُّش». رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ، إِلا قيس بن بشر فاختلفوا في توثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ، وَقَدْ روى لَهُ مسلم.
في هذا الحديث: أن إطالة الجمة والإسبال تدافع المدح وتمانع الرفعة الدينية لأن ذلك منهيٍّ عنه على سبيل الحرمة تارةً، والكراهة أخرى.
وفيه: جواز قول الإنسان في الحرب: أنا ابن فلان إذا كان شجاعًا ليرهب عدوه، وأنه لا مانع من حصول الحمد والأجر.
وفيه: طلب العلم والاستزادة منه. وأن المرء في مقام التعلم إلى اللحد.
وفيه: طلب حسن الهيئة وجمال الزي والاحتراز من ألم المذمة، وطلب راحة الإخوان، واستجلاب قلوبهم ليأنس بهم فلا يستقذروه ولا يستثقلوه.
799- وعن أَبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلا حَرَجَ- أَوْ لا جُنَاحَ- فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، فمَا كَانَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ في النَّارِ، وَمَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.
قوله: «إزرة المسلم إلى نصف الساق»، وعند ابن ماجة: «إزرة المؤمن»، أي: الهيئة المستحبة في اتزار المؤمن إلى نصف الساق، لأن ذلك أطهر لبعده عن احتمال وصول النجس، وأطيب لبعده عن الكبر وقربه من التواضع، ولا كراهة في إرخائه إلى ما فوق الكعبين، ويحرم إرخاء الثياب تحت الكعبين.
800- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: مررتُ عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفي إزَارِي استرخاءٌ، فَقَالَ: «يَا عَبدَ اللهِ ارْفَعْ إزَارَكَ» فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ: «زِدْ» فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أتَحَرَّاهَا بَعْدُ. فَقَالَ بَعْضُ القَوْم: إِلَى أينَ؟ فَقَالَ: إِلَى أنْصَافِ السَّاقَيْنِ. رواه مسلم.
فيه مزيد اعتناء ابن عمر بالسنة، وملازمته للاتباع.
801- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا» قالت: إِذًا تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ. قَالَ: «فَيرخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذا الحديث: الإذن للنساء في إطالة أذيالهن من القمص، والأزر والخمر وغيرها بحيث يسلبن قدر ذراع من أذيالهن إلى الأرض لتكون أقدامهن مستورة.
وفيه: النهي عن الزيادة على الذراع.